مع شروعه بتطبيق خطته "للعصيان المدني الشامل" ابتداء من مناطق غرب بغداد، وتزامنا مع اندلاع معارك عنيفة وشرسة في البصرة، يكون التيار الصدري قد بين لكل الحائرين في لغزه وعلى أكمل وجه، أنه يستطيع حتى في ظروف معقدّة كهذه أن يتقاسم العمل بكفاءة مع ذراعه العسكري "جيش المهدي"، وأن يخوضا معا بتنسيق تام وفعال، شكلا جديدا من الصراع هو مزيج من العمل السياسي والعسكري.
لكن التيار الصدري بين كذلك، ومن خلال هذا التلازم بين المعركة السياسية والعسكرية أنه قادر على تحوّيل الصراع الداخلي (الذي تفجر مؤخرا مع إعلان زعيمه مقتدى الصدر العزلة السياسة) ودفعة واحدة إلى "صراع خارجي"، وأن ينتقل بسرعة وعلى نحو مفاجئ من "تيار يواجه معركة داخلية" حاسمة، إلى "تيار يخوض معركة خارجية" حاسمة ومصيرية.
وفي هذا السياق، يتبين من الوقائع الميدانية أن العودة القوية لجيش المهدي إلى واجهة الأحداث ونجاحه أثناء القتال الشرس في أسر العشرات من أفراد الجيش الحكومي في البصرة بل وتمكنه من تسديد ضربات موجعة للبريطانيين والأميركيين، أن الصراع الداخلي حول مصير ومستقبل التيار أضحى منذ الآن صراعا مع "الخارج "، ولم يعد صراعا داخليا تقليديا ضد خليط من القوى ( تضم وياللمفارقة بعض رجال الدين في حوزة النجف والمجلس الأعلى وحزب الدعوة والأميركيين على حد سواء).
كما لم يعد يدور حول ما إذا كان يجب حل الجيش أو تجميد نشاطه؟ وهذه بلا أدنى ريب، هي أكبر معارك التيار منذ ظهوره في المسرح السياسي العراقي لأنها سيتقرر فيها، لا مصيره كتيار شعبي وحسب وإنما مصير جيش المهدي كذلك.
وهذا هو برأينا مغزى التلازم بين التيار والجيش، ومغزى التلاحم المدهش في ميدان المعركة المزدوجة، السياسية والعسكرية (في المركز كما في الأطراف).
ومع ذلك كشفت وقائع القتال الذي ظل جيش المهدي يخوضه لأيام متتالية ضد القوات الحكومية المدعومة من البريطانيين في البصرة أن الجيش والتيار هما وحدة واحدة لا تتجزأ، وأنهما يمسكان بزمام المبادرة، حتى في غياب الشيخ مقتدى الصدر عن المسرح السياسي
وبالفعل اتضح أن التيار الذي قاد العصيان المدني في المركز (العاصمة) والجيش الذي قاد المعارك الميدانية في الأطراف (جنوب العراق) كانا يستكملان عملا قديما، لم يتسن إنجازه خلال حقبة مقتدى الصّدر.
أما اليوم وفي حقبة ما بعد مقتدى فإن كلا من التيار والجيش يعودان وبقوة لاستكمال هذا العمل. بيد أن الأحداث تبرهن في مستوى آخر وبأكثر من ذلك، حقيقة أن التيار الصدري يوشك على الاقتراب من اللحظة التاريخية الحاسمة، والتحول جذريا في خياراته التي لطالما ظل مترددا حيالها طوال السنوات الخمس المنصرمة.
ويبدو من وقائع ومعطيات أخرى كثيرة أن هذا "التكتيك المزدوج" الذي يعتمد فيه الصدريون على المزاوجة بين أنماط غير تقليدية من "قتال الشوارع" و "إضرابات المدن"، هو تكتيك ناجح وفعال حتى وإن كان غير مألوف في التاريخ السياسي للعراق الحديث.
ولعل تجربة هذا النوع من التكتيكات في المواجهة المفتوحة مع القوات الحكومية وقوات الاحتلال الأميركي- البريطاني تعطي البرهان على أن التيار-في حقبة ما بعد مقتدى الصدر- قد تجاوز بالفعل، كل العقبات التي كانت تعيق إنجاز وتحقيق تحوله الجذري.
وبالطبع، لا تكمن المفاجأة في اتباع الصدريين لهذا التكتيك، ولا كذلك في ما أظهروه من براعة في المزاوجة بين القتال المنظم في الجنوب وإضرابات المدن (خاصة في العاصمة) ولا في التنسيق رفيع المستوى بين عمل الجيش ونشاط التيار، وإنما في القدرة على السير معا نحو حسم الخيارات التاريخية بسرعة. وهذا هو عنصر المفاجأة الحقيقي
ومن غير شك فإن كلا من العصيان المدني في بغداد والقتال في شوارع البصرة، يدللان على أن ثمة بوادر حقيقية على انتصار "الجيل القديم" من الصدريين في معركته الداخلية، ونجاحه في قيادة التيار في مرحلة ما بعد مقتدى الصدر.
لقد تمكن هذا الجيل من استعادة زمام المبادرة، ونجح في إبقاء التيار متماسكا وقويا داخل معادلات الصراع.
والمثير للاهتمام في هذا النطاق أن المواجهات الدامية مع القوات الحكومية المدعومة من الأميركيين والبريطانيين في البصرة كشفت أن جيش المهدي لا يزال يتمتع بإمكانيات كبيرة على "تنظيم هجمات منسقة" وفعالة، وأنه تمكن من تطوير أساليبه القتالية بطريقة تختلف جذريا عن كل المعارك السابقة التي خاضها.
ولكي ندرك بعمق مغزى هذا التحول وحدوده وآفاقه، فسوف أسوق الواقعة التالية، عندما كانت الاشتباكات العنيفة تندلع في البصرة (جنوب) والعصيان المدني يزمجر كالإعصار في سماء بغداد، وتقترب الساعة التي يضرب فيها مناطق غرب بغداد، فتغلق المحلات والمتاجر أبوابها استجابة لنداء التيار الصدري وتنفيذا لتهديداته، فاجأ وفد من "الصدريين" كان قد وصل إلى دمشق للتو، للقاء القوى والشخصيات الوطنية المناهضة للاحتلال، مضيفيه عندما بادر إلى سؤالهم عن الشيخ مقتدى الصدر، وما إذا كان موجودا في دمشق؟
ووسط حيرة وذهول المضيفين الذين كانوا ينتظرون من الوفد، جوابا على سؤال حائر يتعلق بمصير الصدر، وما إذا كان يخطط حقا، للدراسة في "حوزة النجف" كما قيل دار حوار مقتضب عن "مستقبل التيار"، واحتمالات التحول في خياراته السياسية في المرحلة المقبلة، ولكن دون التطرق بأي شكل من الأشكال إلى مستقبل زعيمه أو مصيره.
ولأن دوي القذائف وصواريخ الكاتيوشا في البصرة كان يسمع في بغداد كما في دمشق، بدا النقاش حول مصير مقتدى الصدر أمرا قليل الأهمية.
ووسط هذه الأجواء تسربت معلومات من بعض الأوساط الدينية العراقية بأن "إيران فرضت الإقامة الجبرية على مقتدى الصدر في قُم". وقد أبلغني رجل دين عراقي بارز، وهو يعلق على زيارة وفد الصدريين أن إيران استبقت الإعلان عن العصيان المدني في بغداد، والاشتباكات في الجنوب باتخاذ قرار "سحب" الصدر من الواجهة، وأنها "فرضت عليه الإقامة الجبرية في قم".
ولذلك، بدا السؤال البريء الذي ألقاه وفد الصدريين على مضيفيهم في دمشق، عن "زعيمهم" المتواري عن الأنظار، وكأنه أبعد ما يكون عن "التضليل" أو التعمية على حقيقة ما يجري، وأقرب ما يكون تعبيرا علنيا وصريحا عن حسم حالة الارتباك والتجاذب بين القوى الجديدة والقديمة داخل التيار.
ولأن التحول الجذري في سياسات وخيارات هذا التيار سوف يرتبط منذ الآن وبشكل عضوي بغياب مقتدى الصدر عن المسرح السياسي فإن السؤال الأكثر أهمية من سؤال "وفد الصدريين" اليوم عن مصير الصدر، هو السؤال عن مصير التيار نفسه، وما إذا كان قد حسم نهائيا كل خياراته، أم أنه لا يزال يراهن على إمكانية صمود "تكتيكاته القديمة" التي اتبعها؟
ويبدو من مسار التطورات الراهنة والمحتملة في سياسات القوى المنافسة والمخاصمة للتيار، مثل جماعة المجلس الأعلى (الحكيم) أن المعركة الدائرة على جبهة العصيان المدني والمعركة العسكرية على جبهة "مقاومة القوات الأميركية والحكومية" هي التي سوف تعجل في حسم خيارات الصدريين الذين باتوا، بالفعل على أعتاب مرحلة جديدة ومختلفة كل الاختلاف عن المرحلة السابقة.
ويمكن للمراقب المحايد أن يلاحظ في هذا الإطار أن حقبة "ما بعد مقتدى "سوف تشهد تجاذبا عنيفا على مستويين، داخلي وخارجي".
داخليا سوف يواصل "الحرس القديم" في التيار تدعيم مواقعه ويواصل سياسة تطهير واسعة النطاق تطول كل "ممثلي القوى الجديدة" الذين أثروا على حساب مصالح التيار ومبادئه وروحه الثورية، وقد يواصل تاليا ودون مقاومة داخلية تذكر، فرض سيطرته السياسية والفقهية، خاصة وأن أحد أبرز قادة الجيل القديم من الصدريين، وهو الشيخ الكرعاوي، يعد نفسه من تلاميذ محمد صادق الصدر والد مقتدى، وأكثر أهلية من مقتدى نفسه على صعيد الاجتهاد الديني.
وهذا يعني أن الحسم لم يعد سياسيا أو عسكريا، وإنما سيتخذ طابعا فقهيا كذلك، نظرا للكفاءة الفقهية التي يبديها بعض قادة الجيل القديم.
أما على المستوى الخارجي فإن ملامح وأشكال الصراع المتوقعة مع المنافسين خاصة مع فيلق بدر (والمجلس الأعلى) وحتى ضد "جناح من حزب الدعوة" يقوده رئيس الوزراء، سوف تتخذ طابعا شديد العنف، وقد نشهد مذابح مروعة في الجنوب وبغداد.
في المستوى الأول من الهام للغاية ملاحظة أن جيلا جديدا من الصدريين، مؤلف في الغالب من أفراد وجماعات ارتبطت بمافيا "تهريب النفط" وانتقلت إلى مصاف "الطبقات الثرية" الجديدة في العراق سوف يسعى بكل الوسائل إلى تعطيل وإعاقة هذا التحول بينما سيدفع "الجيل القديم" المؤلف في الغالب من الفقراء والمهمشين، باتجاه توطيد وتعزيز المكاسب الداخلية التي حققها، وسيدافع بضراوة عن "الخيارات الوطنية" والتاريخية.
أما في المستوى الثاني فإن تطور أشكال الصراع ضد الجماعات المنافسة سيحدد وإلى حد كبير، طبيعة التحول ومداه، وما إذا كان بوسع التيار تحويله إلى إطار مشترك يعيد وضعه في قلب الحركة المناهضة للاحتلال.
والمعلومات التي رشحت مؤخرا من بغداد تفيد بأن نذر معركة دامية ضد جناح حزب الدعوة (المالكي) تكاد تتجمع في سماء المناطق الجنوبية، استعدادا لفصل جديد ومروع من فصول المواجهات الدامية.
ولعل السرعة التي جرت فيها الموافقة على تمرير"قانون المحافظات" مؤخرا (بعد الزيارة المفاجئة لنائب الرئيس الأميركي ديك تشيني) هي من بين أكثر الدلائل قوة على اقتراب موعد المعركة التي ستقرر نوع وطبيعة "الأرضية" السياسية لخيارات التيار.
أما اليوم وفي حقبة ما بعد مقتدى فإن كلا من التيار والجيش يعودان وبقوة لاستكمال هذا العمل. بيد أن الأحداث تبرهن في مستوى آخر وبأكثر من ذلك، حقيقة أن التيار الصدري يوشك على الاقتراب من اللحظة التاريخية الحاسمة، والتحول جذريا في خياراته التي لطالما ظل مترددا حيالها طوال السنوات الخمس المنصرمة.
ويبدو من وقائع ومعطيات أخرى كثيرة أن هذا "التكتيك المزدوج" الذي يعتمد فيه الصدريون على المزاوجة بين أنماط غير تقليدية من "قتال الشوارع" و "إضرابات المدن"، هو تكتيك ناجح وفعال حتى وإن كان غير مألوف في التاريخ السياسي للعراق الحديث.
ولعل تجربة هذا النوع من التكتيكات في المواجهة المفتوحة مع القوات الحكومية وقوات الاحتلال الأميركي- البريطاني تعطي البرهان على أن التيار-في حقبة ما بعد مقتدى الصدر- قد تجاوز بالفعل، كل العقبات التي كانت تعيق إنجاز وتحقيق تحوله الجذري.
وبالطبع، لا تكمن المفاجأة في اتباع الصدريين لهذا التكتيك، ولا كذلك في ما أظهروه من براعة في المزاوجة بين القتال المنظم في الجنوب وإضرابات المدن (خاصة في العاصمة) ولا في التنسيق رفيع المستوى بين عمل الجيش ونشاط التيار، وإنما في القدرة على السير معا نحو حسم الخيارات التاريخية بسرعة. وهذا هو عنصر المفاجأة الحقيقي
ومن غير شك فإن كلا من العصيان المدني في بغداد والقتال في شوارع البصرة، يدللان على أن ثمة بوادر حقيقية على انتصار "الجيل القديم" من الصدريين في معركته الداخلية، ونجاحه في قيادة التيار في مرحلة ما بعد مقتدى الصدر.
لقد تمكن هذا الجيل من استعادة زمام المبادرة، ونجح في إبقاء التيار متماسكا وقويا داخل معادلات الصراع.
والمثير للاهتمام في هذا النطاق أن المواجهات الدامية مع القوات الحكومية المدعومة من الأميركيين والبريطانيين في البصرة كشفت أن جيش المهدي لا يزال يتمتع بإمكانيات كبيرة على "تنظيم هجمات منسقة" وفعالة، وأنه تمكن من تطوير أساليبه القتالية بطريقة تختلف جذريا عن كل المعارك السابقة التي خاضها.
ولكي ندرك بعمق مغزى هذا التحول وحدوده وآفاقه، فسوف أسوق الواقعة التالية، عندما كانت الاشتباكات العنيفة تندلع في البصرة (جنوب) والعصيان المدني يزمجر كالإعصار في سماء بغداد، وتقترب الساعة التي يضرب فيها مناطق غرب بغداد، فتغلق المحلات والمتاجر أبوابها استجابة لنداء التيار الصدري وتنفيذا لتهديداته، فاجأ وفد من "الصدريين" كان قد وصل إلى دمشق للتو، للقاء القوى والشخصيات الوطنية المناهضة للاحتلال، مضيفيه عندما بادر إلى سؤالهم عن الشيخ مقتدى الصدر، وما إذا كان موجودا في دمشق؟
ووسط حيرة وذهول المضيفين الذين كانوا ينتظرون من الوفد، جوابا على سؤال حائر يتعلق بمصير الصدر، وما إذا كان يخطط حقا، للدراسة في "حوزة النجف" كما قيل دار حوار مقتضب عن "مستقبل التيار"، واحتمالات التحول في خياراته السياسية في المرحلة المقبلة، ولكن دون التطرق بأي شكل من الأشكال إلى مستقبل زعيمه أو مصيره.
ولأن دوي القذائف وصواريخ الكاتيوشا في البصرة كان يسمع في بغداد كما في دمشق، بدا النقاش حول مصير مقتدى الصدر أمرا قليل الأهمية.
ووسط هذه الأجواء تسربت معلومات من بعض الأوساط الدينية العراقية بأن "إيران فرضت الإقامة الجبرية على مقتدى الصدر في قُم". وقد أبلغني رجل دين عراقي بارز، وهو يعلق على زيارة وفد الصدريين أن إيران استبقت الإعلان عن العصيان المدني في بغداد، والاشتباكات في الجنوب باتخاذ قرار "سحب" الصدر من الواجهة، وأنها "فرضت عليه الإقامة الجبرية في قم".
ولذلك، بدا السؤال البريء الذي ألقاه وفد الصدريين على مضيفيهم في دمشق، عن "زعيمهم" المتواري عن الأنظار، وكأنه أبعد ما يكون عن "التضليل" أو التعمية على حقيقة ما يجري، وأقرب ما يكون تعبيرا علنيا وصريحا عن حسم حالة الارتباك والتجاذب بين القوى الجديدة والقديمة داخل التيار.
ولأن التحول الجذري في سياسات وخيارات هذا التيار سوف يرتبط منذ الآن وبشكل عضوي بغياب مقتدى الصدر عن المسرح السياسي فإن السؤال الأكثر أهمية من سؤال "وفد الصدريين" اليوم عن مصير الصدر، هو السؤال عن مصير التيار نفسه، وما إذا كان قد حسم نهائيا كل خياراته، أم أنه لا يزال يراهن على إمكانية صمود "تكتيكاته القديمة" التي اتبعها؟
ويبدو من مسار التطورات الراهنة والمحتملة في سياسات القوى المنافسة والمخاصمة للتيار، مثل جماعة المجلس الأعلى (الحكيم) أن المعركة الدائرة على جبهة العصيان المدني والمعركة العسكرية على جبهة "مقاومة القوات الأميركية والحكومية" هي التي سوف تعجل في حسم خيارات الصدريين الذين باتوا، بالفعل على أعتاب مرحلة جديدة ومختلفة كل الاختلاف عن المرحلة السابقة.
ويمكن للمراقب المحايد أن يلاحظ في هذا الإطار أن حقبة "ما بعد مقتدى "سوف تشهد تجاذبا عنيفا على مستويين، داخلي وخارجي".
داخليا سوف يواصل "الحرس القديم" في التيار تدعيم مواقعه ويواصل سياسة تطهير واسعة النطاق تطول كل "ممثلي القوى الجديدة" الذين أثروا على حساب مصالح التيار ومبادئه وروحه الثورية، وقد يواصل تاليا ودون مقاومة داخلية تذكر، فرض سيطرته السياسية والفقهية، خاصة وأن أحد أبرز قادة الجيل القديم من الصدريين، وهو الشيخ الكرعاوي، يعد نفسه من تلاميذ محمد صادق الصدر والد مقتدى، وأكثر أهلية من مقتدى نفسه على صعيد الاجتهاد الديني.
وهذا يعني أن الحسم لم يعد سياسيا أو عسكريا، وإنما سيتخذ طابعا فقهيا كذلك، نظرا للكفاءة الفقهية التي يبديها بعض قادة الجيل القديم.
أما على المستوى الخارجي فإن ملامح وأشكال الصراع المتوقعة مع المنافسين خاصة مع فيلق بدر (والمجلس الأعلى) وحتى ضد "جناح من حزب الدعوة" يقوده رئيس الوزراء، سوف تتخذ طابعا شديد العنف، وقد نشهد مذابح مروعة في الجنوب وبغداد.
في المستوى الأول من الهام للغاية ملاحظة أن جيلا جديدا من الصدريين، مؤلف في الغالب من أفراد وجماعات ارتبطت بمافيا "تهريب النفط" وانتقلت إلى مصاف "الطبقات الثرية" الجديدة في العراق سوف يسعى بكل الوسائل إلى تعطيل وإعاقة هذا التحول بينما سيدفع "الجيل القديم" المؤلف في الغالب من الفقراء والمهمشين، باتجاه توطيد وتعزيز المكاسب الداخلية التي حققها، وسيدافع بضراوة عن "الخيارات الوطنية" والتاريخية.
أما في المستوى الثاني فإن تطور أشكال الصراع ضد الجماعات المنافسة سيحدد وإلى حد كبير، طبيعة التحول ومداه، وما إذا كان بوسع التيار تحويله إلى إطار مشترك يعيد وضعه في قلب الحركة المناهضة للاحتلال.
والمعلومات التي رشحت مؤخرا من بغداد تفيد بأن نذر معركة دامية ضد جناح حزب الدعوة (المالكي) تكاد تتجمع في سماء المناطق الجنوبية، استعدادا لفصل جديد ومروع من فصول المواجهات الدامية.
ولعل السرعة التي جرت فيها الموافقة على تمرير"قانون المحافظات" مؤخرا (بعد الزيارة المفاجئة لنائب الرئيس الأميركي ديك تشيني) هي من بين أكثر الدلائل قوة على اقتراب موعد المعركة التي ستقرر نوع وطبيعة "الأرضية" السياسية لخيارات التيار.
الآن وقد فجر التيار المعركة الأهم التي ستقرر مصيره التاريخي، هل ثمة من معنى لأي حديث عن "مصير مقتدى الصدر"؟ وما إذا كان قيد الإقامة الجبرية في قم أم أنه اختار العيش قرب ضريح السيدة زينب في دمشق، بما يشبه العزلة والزهد في الحياة؟ كأن الوقت فات بالفعل على مثل هذا النقاش
للكاتب : فاضل الربيعي